LYNN TOHME

LYNN TOHME

أن تحلم في زمن الغارة

أن تحلم في زمن الغارة

كل شيء يتحرك… حتى الموت

أفتح هاتفي صباحًا، أراجع رسائل العمل، وأحضّر جدول نهار مزدحم: موعد مع عميل، فكرة مشروع مؤجل، غداء محتمل مع صديق. وفي الخلفية، عنوان عادي جدًا هذه الأيام:

“غارة إسرائيلية جديدة على الجنوب”.

صورة لبيت مدمر. شهيد. دخان.

أكمل ما كنت أفعله. لا لأنني لا أهتم، بل لأنني إن توقفت، سأتحطم.

منذ سنوات، لم يعد القصف حدثًا استثنائيًا. صار خلفية. إطارًا عامًّا لكل شيء.

من الجنوب حتى البقاع، من الليل حتى الفجر، إسرائيل تضرب، ونحن نعيد ترتيب يومنا وفق إيقاع الطائرات.

لم نعد نعيش بين حرب وسلام. نعيش في منطقة رمادية، لا هي حياة كاملة، ولا موت حاسم.

فيها نخطط لمستقبل مهني، ونعرف أنه قد لا يحدث.

نحبّ، ونعرف أن الغد ليس مضمونًا.

نحاول أن ننجو، بينما في مكانٍ ليس بعيدًا، هناك من لم ينجُ.

الداخل لا يتوقف.

بعد كل غارة، تعود الأحلام لتطالب بحقها: أين سفرتي المؤجلة؟ متى أطلق مشروعي؟ هل أستقيل من وظيفتي؟

لكن شيئًا ما في المقابل يتقلص. الطموح يبدو صغيرًا، والنجاح يبدو مؤقتًا.

نعيش في بلد يمكن لصاروخ أن يسقطه في دقيقة. فكيف نمنح كل هذا الجهد لحياةٍ نعرف هشاشتها تمامًا؟

هذه ليست مبالغة. هذا واقع جيل كامل.

جيل يعمل ويحلم ويتعب، ويعرف أنه لا يعيش في مكان طبيعي.

جيل يُجري مقابلة عمل في نفس اليوم الذي تُقصف فيه قرية على بُعد ساعة واحدة.

جيل يُقدّم أوراق الهجرة، وفي الوقت نفسه يُفكر: “طيب، لو بقيت، هل أبني شيئًا حقيقيًا؟”

جيل يعيش في مفارقة:

هل أحلامي تافهة مقارنة بما يحدث؟

أم أنها الشكل الوحيد للمقاومة الشخصية؟

كل قصف، كل خبر عاجل، يعيد ترتيب الأولويات.

فجأة، لا يعود الإنجاز مهمًا.

الهدوء أهم.

الهواء أهم.

أن نكون أحياء فقط يكفي.

لكنّ الحياة لا تنتظر.

بعد ساعات، يعود كل شيء.

الاجتماع. المشروع. الرسالة. الحلم.

كأن الداخل يرفض الموت، حتى عندما يكون الموت على الشاشة، أو خلف الجدار.

هكذا نعيش الآن:

نتأرجح بين الخوف والاستمرار.

نحاول أن نحافظ على إنسانيتنا، في بلدٍ لا يمنح أي ضمانة، ولا حتى لليوم التالي.